Accueil » ندوة دولية »
ندوة دولية في موضوع التراث بحوض البحر الأبيض المتوسط

ندوة دولية في موضوع التراث بحوض البحر الأبيض المتوسط

ورقة الندوة

ديباجة الندوة:

يحظى التراث الحضاري بشقيه المادي واللامادي بمكانة هامة في استراتيجية التنمية بمختلف بلدان العالم، إذ لم يعد ينظر إليه بوصفه ثقافة موروثة عن السلف أو بنايات معمارية فحسب، أنتجت في ظروف لا يمكن إعادة إنتاجها بنفس المواصفات السابقة، بل أصبح أحد المكونات الأساسية في بناء الشخصية الوطنية وأحد الموارد الغنية التي تساهم وبفعالية في تنشيط الدورة الاقتصادية على مستوى الدولي.

لقد أسالت الإشكاليات المرتبطة بإحياء وتثمين التراث والمحافظة عليه، والرجوع إليه، مدادا كثيرا ليس فقط من قبل الباحثين الأكاديميين، ولكن كذلك من قبل مؤسسات عالمية وما أنتجه خبراؤها من تقارير ودراسات ميدانية ومساهمات في تكوين المتخصصين في حمايته.

وتعد في هذا السياق منظمة اليونسكو إلى جانب المؤسسات التابعة لها، أحد الأجهزة التي أعادت التراث الثقافي بمختلف مكوناته إلى الواجهة، منذ إصدار الاتفاقية العالمية المتعلقة بحماية التراث الثقافي والطبيعي سنة 1972.

إن تعميق معرفة وفهم التراث الثقافي غير المادي بالنسبة لمختلف الشعوب، هو وسيلة وأداة لتأسيس حوار جاد بين الثقافات، والتشجيع على التسامح واحترام عيش الآخر.وأهميته لا تكمن في تجلياته الثقافية والمادية فحسب، بل تهم المعارف والمهارات المتنوعة التي تنقل من جيل لآخر، في إطار مقاربة شمولية لا تستثني أحدا؛ سواء كان مجتمعا محليا صغيرا أو مجموعات اجتماعية كبيرة، بلدا ناميا أو متقدما.

ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا، أصبحت مسألة حماية وصيانة التراث وإنقاذه وإحيائه في قلب اهتمامات الحكومات والمجتمع المدني على حد سواء، وشأنا عاما بالنسبة لمختلف الدول والأمم، خصوصا إذا علمنا بأن هذا التراث هو نتاج تلاقح حضارات متعددة، ورمز مشترك بين عدة شعوب بل وحضارات (رومانية،إسلامية، مسيحية…في حوض المتوسط على سبيل المثال).

ووعيا من جميع المهتمين بهذه المكانة الاقتصادية والثقافية التي أصبح يحظى بها التراث في إنتاج الثروة، لم تدخر الجهات المشرفة عليه جهدا في بسط الخطط وابتكار الحلول للمحافظة عليه، وتقديمه للآخر في حلة تليق بالوظائف التي قام بها سابقا، بل وتوظيفه حاليا بمثابة مرجع يستلهم منه الأفكار البناءة في الحد من التدافع بين الحضارات، أو فضاء لإحياء العديد من الأنشطة الثقافية والسياحية وغيرها، أو تقديمه ونفض الغبار عنه وتوثيقه بهدف الاستفادة من ما يحتويه من كنوز معرفية ( مخطوطات، معمار أثري، أواني، آلات، لباس، موسيقى، عادات، تقاليد، فن الطبخ…) .

إن العديد من بلدان العالم، والمغرب من ضمنها، أصبحت لها تجارب غنية ومتنوعة في التعامل مع هذا التراث، لا من حيث المحافظة والإحياء، ولا من حيث التثمين والاستغلال والتسويق بوصفه منتوجا  يستهوي ملايين السياح الراغبين في اكتشاف هذا الإرث المعماري والثقافي.

ومع ذلك ما زال هذا التراث محتاجا إلى مزيد من العناية والأفكار الخلاقة والمبدعة لرد الاعتبار له، خصوصا في بعض البلدان النامية، مما يستوجب فتح جسور التعاون بين مختلف البلدان الرائدة في تثمين التراث بغية الاستفادة من تجاربها ليس فقط على مستوى الترميم أو حفظ الثقافي منه، ولكن على مستوى تبادل الخبرات على مستوى الأبحاث العلمية التي تسبق إعادة التأهيل، أو حتى تلك التي تعمل على تقييم المنجزات والمواكبة للمشاريع.

وفي هذا الصدد يهدف مختبر الدراسات الحضرية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز – فاس، وبتعاون مع المنتدى المغربي لتنمية وحماية التراث (FOM-DEPP)،تنظيم ندوة علمية يتم من خلالها الوقوف على أهمية التراث بمفهومه الواسع في الحياة اليومية للسكان، كما ستشكل فرصة لتبادل التجارب وتقييم المنجزات والتفكير في حلول بعض القضايا الشائكة التي تحول دون رد الاعتبار له.

Laisser une réponse

Votre adresse email ne sera pas publiéeLes champs requis sont surlignés *

*